dracola
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

رؤية نقدية...اتجاهات المدارس النيوليبرالية

اذهب الى الأسفل

رؤية نقدية...اتجاهات المدارس النيوليبرالية Empty رؤية نقدية...اتجاهات المدارس النيوليبرالية

مُساهمة  dracola الخميس يناير 28, 2010 7:21 pm

رؤية نقدية...اتجاهات المدارس النيوليبرالية

إن الثقافة الاقتصادية السائدة اليوم هي ثقافة ليبرالية استطاعت أن تعمم منظورها وتعولم نسقها في العيش؛ الأمر الذي يستحق الوقوف لمدارسة الأفكار المؤسسة لهذه الثقافة.
في مقالنا هذا، والذي يليه، نستهدف تحليل الاتجاهات الأساسية للنظرية الليبرالية المعاصرة، ومحدداتها الفكرية، وفي سياق ذلك نقول:
بدأت النظرية النيوليبرالية في طبعتها المعاصرة حركة مراجعة نقدية للنظرية الكينزية، وعودا إلى المفهوم الليبرالي الفرداني، مع الأخذ بالرؤية الكلاسيكية المعتقدة بأن ثمة قانونا خفيا يحكم العملية الاقتصادية، قانونا طبيعيا قادرا على تسيير هذا العملية وضبط توازنها، ومن ثم لا حاجة لأي تدخل خارجي (الدولة) من أجل ضبط الفعل الاقتصادي وتوجيهه؛ لأن مثل هذا التدخل حسب زعمها - سيؤدي إلى إرباك الواقع واختلاله.
غير أن نيوليبرالية القرن العشرين، إذا كانت رد فعل ضد الأطروحة الكينزية، فإنها من حيث أصولها النظرية ترجع إلى نهاية القرن التاسع عشر، حيث ظهرت في توقيت متقارب ثلاث مدارس اقتصادية تؤسس للرؤية النيوليبرالية وتحدد لها مفاهيمها النظرية وأنماطها المنهجية الإجرائية. تلك المدارس الثلاث هي: المدرسة النمساوية مع كارل مينجر، ومدرسة لوزان مع فالراس، ومدرسة كمبردج مع ستانلي جيفنس.
من حيث النزعة العامة والرؤية المحددة للوجود المجتمعي وناظمه الاقتصادي، أرى أن لا جديد في النيوليبرالية، ليس فقط نيوليبرالية القرن التاسع عشر (أقصد المدارس الثلاث)، بل أيضا نيوليبرالية القرن العشرين، إذ إنها كانت كما سلف أن قلنا عودة إلى الأصول الكلاسيكية وتعميقا لنزوعها الفرداني.
لكن على مستوى بعض المبادئ الإجرائية المتعلقة بالاقتصاد السياسي وأسلوب مقاربة ووصف وتحليل العملية الاقتصادية (الرؤية الميكرو اقتصادية) ثمة إضافات منهجية يمكن إيجازها في أربعة محددات هي:
أولاً، إذا كان علم الاقتصاد السياسي الليبرالي الكلاسيكي مع آدم سميث وريكاردو قد أكد على أن العمل هو محدد القيمة، فإن المنظور النيوليبرالي مع مانجر وفالراس يرى أن المنفعة هي محدد القيمة. وهو في نظرنا توكيد إطلاقي على المنظور المنفعي المتعلق بذاتية المستهلك، الأمر الذي جعل التحليل النيوليبرالي ينتقل من مستوى الموضوعية إلى مستوى الذاتية.
ثانياً، في تصنيف منهاجيات اتجاهات الاقتصاد السياسي غالبا ما تجمع هذه المدارس الثلاث وتوسم بنعت “المدرسة الحدية” l`école marginaliste . وهذا النعت راجع إلى أن النيوليبرالية تنتهج في تحليلها الاقتصادي الأسلوب الحدي الذي يتقصد دراسة الوحدات الاقتصادية الأخيرة. فالرأسمال الحدي هو آخر مقدار تم استثماره من الرأسمال، والأجر الحدي هو أجرة آخر عامل، والسعر الحدي هو ثمن آخر وحدة من منتوج معين.
إن المنظور النيوليبرالي في أسلوبه البحثي منظور حدي، وعندما نؤكد هذه الخصيصة المنهجية في رؤيته لا نقصد أن المنظور الليبرالي الكلاسيكي لم ينتهج هذا الأسلوب إطلاقاً، بل نقصد أن ثمة اختلافاً في مقدار الإيغال في الانتهاج، أما عن السبق إلى اعتماد الأسلوب الحدي فإننا نجده أيضا عند ريكاردو في دراسته للريع.
ثالثاً، لا تخلو الرؤية النيوليبرالية لعالم الاقتصاد من نزوع خيالي تجريدي، ذلك لأن الأساليب والمفاهيم المنهجية التي أسستها هذه المدرسة تنزع إلى بلورة ما تسميه ب”الاقتصاد الخالص” أو “الاقتصاد المحض” Economie Pure، حيث يتم تصور الفرد، والمصلحة الشخصية، والسوق ذي النظام التنافسي التام ( نظرية المزاحمة التامة).
رابعاً، على المستوى المنهجي أيضا يتميز التحليل النيوليبرالي للوضعية الاقتصادية باستمداد الصياغة الرياضية، واعتماد المقاربة الميكرو اقتصادية التي تنظر إلى الوحدات الصغرى وتؤسس باستقرائها مفاهيم وأحكاماً عامة. وهنا يمكن أن نستحضر كتوكيد على هذا النزوع الاستقرائي مقارنة دالة أنجزها أحد كبار رموز المدرسة النمساوية بافريك عندما قارن بين المنظور المنهجي الذي اشتغل به رواد الاقتصاد السياسي، أي الليبراليين الأوائل (سميث، ريكاردو، مالتوس)، والمنظور الذي اشتغل به النيوليبراليون، حيث خلص إلى أن النقص المنهجي الذي يعتور المنهجية الكلاسيكية هي عدم ارتكازها على الاستقراء، وهذا ما عوضه المنظور الليبرالي الجديد حسب رأي بون بافريك.
د. الطيب بوعزة
tayebbouazza@yahoo.fr
المصدر:
http://www.alkhaleej.ae/articles/show_article.cfm?val=416776

رؤية نقدية ... مدرسة فرانكفورت (2)
لقد بلورت مدرسة فرانكفورت مجموعة مفاهيم إجرائية اتخذتها منظورات منهجية لقراءة وتحليل الحداثة الأوروبية، من أهمها مفهوم العقل الأداتي الذي انطلقت منه لتوصيف أزمة الحداثة وتحولاتها. لقد تبدى العقل في المشروع الحداثي الأوروبي كأساس ومرجعية لبناء الموجهات والمعايير المعرفية والقيمية، ثم جاء عصر الأنوار بمُثُل فكرية سياسية لإنشاء مجتمع عقلاني يجسد الحرية ويفسح المجال لانتشاء العقل وانطلاق فعله النقدي من دون حواجز وسياجات المقدس، لكن التطور اللاحق للمجتمع الحداثي سيحول العقل من مرجعية إلى أداة مستبدة، ومن فاعل نقدي إلى آلية للمحافظة وتثبيت الوضع.
كيف حصل هذا الانقلاب والتحريف في مُثُلِ الحداثة؟
أشرنا في الجزء الأول من هذا المقال إلى أن المشروع الفلسفي الذي أسسته مدرسة فرانكفورت تبدى كنظرية نقدية شاملة استوعبت في مقارباتها بناء الحداثة الأوروبية بمختلف أبعاده الفكرية والمجتمعية، وفي سياق هذه المقاربة الشاملة للاجتماع وبنياته وظواهره الفكرية والقيمية والمادية، خلصت مدرسة فرانكفورت إلى مجموعة من الملاحظات تفضح هذا التحريف. فعلى المستوى الفلسفي ركز أدورنو وهوركايمر على تحليل فلسفة الأنوار التي شكلت أرقى ما بلغه الوعي الحداثي الأوروبي، فعملا على فضح هذا الوعي الأنواري وإبراز انقلابه على مبادئه ومثله، بتأسيسه لمجتمع يلغي الحرية والنقد، وينمط الفكر والسلوك، وعلى مستوى الفكر العلمي فضحت مدرسة فرانكفورت الحيادية المزعومة للممارسة والفكر العلميين، وخلخلة مفهوم الموضوعية، والكشف عن المفاهيم المؤسسة للموقف العلمي، وأهم هذه المفاهيم مفهوم التقنية كوسيلة للسيطرة على الطبيعة.
وعلى مستوى الفن ركز أدورنو على نقد وضعية الفن داخل المجتمع الحداثي، مبرزاً التحولات التي جرفت الذوق، وحولت العمل الفني إلى مجرد سلعة، مؤكدا في هذا المجال أن الحداثة مشروع يلتهم الإنسان والقيم، ويحول كل شيء إلى أداة وسلعة للاستهلاك، حتى انقلبت الكينونة الإنسانية فتحول عندها الكوجيتو الديكارتي من “أنا أفكر، أنا موجود” إلى “أنا أستهلك، أنا موجود”.
لقد سكن رواد مدرسة فرانكفورت في البداية حلم بالتغيير المجتمعي، لتجسيد مجتمع العقل والحرية، لكن مع صعود النازية واضطرارهم للهروب إلى المنفى (بريطانيا وأمريكا...)، ثم الحدث المهم الذي سيشهده الاتحاد السوفييتي بعد موت ستالين حيث انكشفت الحقيقة المرة التي جسدها النظام الستاليني المستبد، أخذ رواد هذه المدرسة يراجعون مفهوماتهم ويعيدون النظر في كثير من آرائهم، بل إن هذه المراجعة لم تمكنهم فقط من إعادة النظر في مفهوم المجتمع الاشتراكي، بل ايضا أسهمت في تعميق رؤيتهم النقدية لبنية المجتمع الرأسمالي، لينتهوا إلى الحكم على المجتمع الحداثي الغربي بعدم القابلية للتطور والتغيير، فهوركايمر مثلا وكذلك أدورنو في كتابيهما المشترك “أفول العقل” (1947) سيعلنان أن المجتمع الغربي يسير على نحو حتمي نحو مجتمع بيروقراطي بآليات استبدادية تمنع الفرد من إمكانية الاختيار والحرية، بل إلى درجة تخدير الشعوب وإلغاء شعورها بقيود الاستبداد، وذلك لأن المجتمع الغربي انتقل إلى وضع انمحى فيه التفكير النقدي، وزالت فيه إمكانية اليوتوبيا والتفكير في بديل مجتمعي للسائد.
إنه إعلان صريح عن أزمة وإخفاق الفكر الأوروبي من قبل هوركايمر وأدورنو، لكن نزعتهما التشاؤمية تسمح لنا بوسم مشروع المدرسة ككل بكونه أعلن إخفاقه.. ذلك ليس فقط لأن هوركايمر وأدورنو هما أكبر اسمين داخل المدرسة، بل حتى لو نظرنا إلى هابرماز الذي خالفهما في هذه النظرة التشاؤمية، سنجد أن الحل الذي اقترحه لأزمة الحداثة، أي النظرية التواصلية، لم يكن في العمق سوى تجسيد للأزمة والإخفاق بلغة المتفائل، أو لنقل مستعيرين من إميل حبيبي مصطلحه المشروخ إنها الأزمة ذاتها لكنها مكتوبة بلغة المتشائل.
لكن مع هذا التشاؤم لا يعني أن مدرسة فرانكفورت تخلت عن الموقف النقدي، بل هي تخلت عن عقلية الثوري الحالم بمشروع مجتمعي بديل، لكن مع زوال المشروع وانهيار فكرة البديل بقي للمدرسة موقف نقدي.. لكنه بلا حلم.

د. الطيب بوعزة
tayebbouazza@yahoo.fr
المصدر:
http://www.alkhaleej.ae/articles/show_article.cfm?val=424227

dracola
Admin

عدد المساهمات : 92
تاريخ التسجيل : 27/01/2010
العمر : 39

https://wings.ahlamontada.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى